الفكر البشري بطيء كسلحفاة تسابق الضوء
الفكر البشري بطيء كسلحفاة تسابق الضوء
في وقت تثور فيه عواصف النقاش عن قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على التساوي مع البشر، ظهرت دراسة علمية محمَّلَة بنبرة مغايرة (ومُعاكِسة) عن سرعة تعامل دماغ الإنسان مع البيانات لتؤكد أنه بطيء وبليد وأحادي الاتجاه، ما يعني أن مواجهة ما خشيه الجميع طويلاً، وتهربوا منه باستمرار، أي لحظة تفرّد الآلات بالمستوى الأعلى من الذكاء على الكرة الأرضية، تمهيداً للسيطرة عليها والتسيُّد على الأنواع الأدنى ذكاءً منها، بما في ذلك البشر: صُناع ذكاء الآلات؟
كأن الدماغ سلحفاة تسابق الضوء!
وفي خبر تناقلته غير وسيلة إعلامية، بما في ذلك “اندبندنت عربية”، تبيّن أن العلماء نهضوا بدراسة أثبتت أن دماغ البشر يتلقى فيوضاً من البيانات عبر الإشارات التي تصله بسرعة الضوء عبر أعصاب الحواس المختلفة، لكنه يتعامل معها بسرعة تقل عن تدفقاتها بملايين المرات، بل إنه ينُحّي معظمها ولا يركز إلا على مسار واحد منها!
إنه مزيج البطء والأحادية، ويصعب التفاؤل بمستقبل ذلك المزيج الذي يظهر فيه الدماغ كأنه سلحفاة تسابق الضوء!
وتعمل أعصاب الحواس الخمس في العينين والأذنين والجلد والأنف واللسان، معلومات عن البيئة المحيطة بنا بسرعة تريليون بِتْ في الثانية. في المقابل، وجد الباحثون أن الدماغ يتعامل مع تلك الإشارات بسرعة لا تزيد عن عشر بتات في الثانية، أي أنه أبطأ بملايين المرات من تدفق الإشارات إليه. ويحصل ذلك على الرغم من احتواء الدماغ قرابة مئة مليار خلية عصبية، يتمركز أكثر من ثمانين في المئة منها في القشرة الدماغية حيث تتمركز عمليات التفكير التجريدي عالي المستوى على غرار فهم اللغة، حساب الأرقام، تصور الأشكال، التحليل والاستنتاج والتخطيط وغيرها.
واستكمالاً، تشتهر الخلايا العصبية في الدماغ بقدرتها المرتفعة على التعامل مع المعلومات، وتستطيع بكل سهولة تناقل كميات منها تفوق بكثير العشر بتات في الثانية.
نُشرَت تلك المعلومات في مجلة “نيورون” Neuron قبل بضعة أيام.
“مثل بزّاقة على أوتوستراد”
وتوضيحاً، تعتبر الـ”بِت” Bit أصغر وحدة لقياس المعلومات في علوم الحوسبة. وتصل سرعة تدفق المعلومات في اتصال “واي فاي” عادي، إلى خمسين مليون بِتْ في الثانية.
وكذلك أوضح العلماء أن الدماغ يتعامل مع الأفكار في مسارات أحادية، ويتقصى تسلسلاً احتمالياً واحداً في كل دورة من التفكير، بدل التعامل مع مجموعات منها بشكل متزامن.
وربما يفيد ذلك التركيز الأحادي على مسار محدد حينما يواجه البشر خطراً داهماً مثل هجومٍ من حيوان مفترس، عبر تسخير قدرات الدماغ كلها في مسار واحد لإيجاد سبيل للنجاة.
واستكمالاً، أورد العلماء رأياً مفاده أن تلك الأحادية ربما تكفلت بالحفاظ على بقاء الجنس البشري في بيئة تتغير بصورة متراخية عملياً.
وكذلك لاحظوا أن الآلات قد تتوصل إلى التفوق على البشر في أي مهمة ينهض بها الإنسان حاضراً، مع ملاحظة أن قدرات الحوسبة للآلات تتضاعف كل سنتين.
وضرب أولئك العلماء مثلاً على التفوق المحتم والوشيك للآلات على ذكاء الإنسان، بالسيارات المؤتمتة ذاتية القيادة التي رأوا أن الآلات تستطيع الآن تجاوز مهارات البشر في قيادتها. وقدموا تفسيراً على ذلك بكلمات معبّرة، “أن الطرقات والجسور والتقاطعات قد صُممت كلها كي تستعملها مخلوقات تتعامل معها بسرعة عشر بتات في الثانية. وضمن تلك النقطة، يجب أن يُنصح البشر بالابتعاد عن تلك الأفضليات البيئية [أي السيارات التي تقودها الآلات الذكية السريعة التفكير]، على غرار ما تُنصح البزّاقات بتجنب الطرق السريعة”.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى: [email protected]
موقع هنا الموقع الرائد بموضعيته ومصداقيته يدعوك للانضمام إليه عن طريق الواتس أب عبر الرابط المرفق : انضموا الينا
0 تعليقات