التكويعات السورية
التكويعات السورية
كايد سلامة
مصطلح جديد أصبح متداول بين السوريين يصف حال المشاهير المؤيدين للنظام المخلوع الذين "بدلوا" مواقفهم وأصبحوا من المؤيدين للثورة، معللين هذا التكويع بحجج لا ترتقي الى ما هو متوقع منهم، هؤلاء المكوعين من الفنانين المتلونين اقل ما يقال بحقهم خذلوا الحق، صرحوا انهم في سرائرهم كانوا من داعمي الثورة وانهم فرحين لانتصارها ولم يكن لديهم أي علم عن حجم التعذيب والاجرام بحق المعتقلين في السجون السورية و و !
من اجل حفظ ماء وجههم عليهم الاعتراف بأخطائهم وان يعتذروا بجرأة عن مواقفهم السابقة في محاولة تلميع صورة النظام الدموي امام الشعب السوري والعالم، لا ان يشاركوا احتفالات الثورة وكأن شيئا لم يكن! من جماليات الثورة السورية انها تختلف اختلاف كبير عن النظام وادواته، متسامحة، تتصرف بمسؤولية لا تحاسب معارضيها السياسيين كما هو متبع في جميع الدول العربية.
بئس المثقف الذي خذل المواطن الفقير المظلوم المقموع المتطلع الى الحرية، لم يكتف بالحياد الذي هو أيضا جبن بل ساند ماكينة القتل بحق جمهوره المخلص، ونعته بعد ان تركه بين انياب الظالمين بالإرهاب! بئس المثقف الذي لم يدعم الثائر على الطغيان، بئس المثقف الذي خان نفسه ورسالته، ولم يستعبر او يتراجع خلال أربعة عشر سنة من رؤيته أبشع صور القتل والدمار والتهجير وذل أبناء شعبه في بعض الدول التي لجأ اليها، لم يتحرك شعوره حتى عندما رأى صور جثث أطفال أبناء وطنه ملقاة على شواطئ الدول الغربية الذين ماتوا غرقا في البحار هربا من القتل في بلدهم، ولا في الشتاء البارد وهو جالس في بيته الدافئ امام كمينه الملتهب وأولاد شعبه المشردون يسكنون الخيام ويعيشون قسوة الشتاء! لن تكون له فرصة أخرى يثبت فيها اخلاصه، الممثل "المكوع" عليه ان يبحث عن طريقة تكفر له اخطائه هذا ان وجدها والا من الاشرف له ان يتغيب عن الساحة الفنية بالكامل.
لم يتعلموا هؤلاء المروءة والإخلاص من الأدوار التاريخية التي قرأوها!؟ ولا من شجاعة الزعيم والعقيد وباقي المسميات العربية التي جسدوها في مسلسلاتهم! كيف سيقنعون المشاهدون بادوارهم المستقبلية حين يقدمون في المستقبل أدوار المقاوم والشريف والنبيل! المثقف الأصيل مثل الشمعة التي تحترق لتضيء طريق الاخرين لا يستغل نار الاخرين ليضيء طريقه. كم من الشعراء والادباء والمثقفين الشرفاء سجنوا او طالتهم يد الغدر او قضوا حتفهم في السجون من اجل الدفاع عن حقوق باقي المواطنين!
مأساة السورين خلال فترة الحرب تكفي لكتابة الاف القصص الحقيقية التي تبين حجم المعاناة التي مروا بها، تضاهي قصص روائع كبار الادباء في العالم التي تعبر عن ابداعهم المتميز لكنها رغم جمالها تبقى من نسج الخيال، الا ان قصص السوريين اشبه بالخيالية لكنها حقيقة مجردة، خوفي ان يأتي يوما ما وأحد المكوعين يمثل في أحد ادواره المأساة السورية في عمل فني ويكون دوره بطل ثائر او الضحيةّ!
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى: [email protected]
موقع هنا الموقع الرائد بموضعيته ومصداقيته يدعوك للانضمام إليه عن طريق الواتس أب عبر الرابط المرفق : انضموا الينا
0 تعليقات