أزمة الدروز تكمن في جهل غيرنا لتاريخنا
أزمة الدروز تكمن في جهل غيرنا لتاريخنا
كايد سلامة
سأحاول قدر المستطاع ان ابين وفق وجهة نظري ابعاد قضية اختطاف الشاب تيران فرو، لا شك ان من قام بهذا العمل لا يمثل الأغلبية الساحقة من اهل جنين او من المجتمع الفلسطيني في الضفة القابع تحت الاحتلال، لكن الفكرة الخاطئة عندهم عن الدروز هي الرائجة، الحجة ان غالبية الجنود الذين يتكلمون العربية دروز! التهمة ليست بحاجة الى برهان بنظر البعض، أي تصرف غير انساني من قبل أي جندي يتكلم العربية ينسب الى الدروز! مع العلم ان نسبة الدروز في الجيش اصبحت اقلية بين المجندين العرب، الجنود العرب اسلام ومسيحيين وبدو منتشرون في غالبية الوحدات العسكرية، وهم الأكثر قسوة على الشعب الفلسطيني، هذا أيضا ما كتبة الصحفي اليساري المتعاطف مع القضية الفلسطينية جدعون ليفي في مقال كتبه في الرابع عشر من شهر نيسان من هذه السنة הערבים במג"ב מוכרים נשמתם يقول في سياق المقال: "العرب المجندين في الضفة يعملوا هذا من اختياراتهم بلا أي ضغط، يبيعوا نفوسهم ويصبحوا جزء من الاحتلال، الذي لا يوجد في أي شيء أخلاقي او قانوني او منطقي، هم اصبحوا جزء من جهاز الظلم في دولتهم ضد أبناء شعبهم وبإخوانهم حتى بأبناء عائلاتهم! من اجل ان يثبتوا أكثر وأكثر اخلاصهم، وقسوتهم أحيانا تكون أظلم من جهاز القمع"
في سياق آخر، كتبت الصحفية لانا عفانة في التاسع من شهر شباط 2015 في موقع البيان عن حادثة انسانية: "ما معنى أن تكون شاباً فلسطينياً من أبناء الطائفة الدرزية، تعيش في الداخل المُحتل؟ هو أنك عندما تبلغ سن الثامنة عشرة ستستدعى للتجنيد العسكري الإجباري في صفوف قوات احتلت أرضك وسماءك، لتحمل السلاح في وجه أهلك. ...تقول في الرواية ... عند حاجز قلندية، حاولت امرأة فلسطينية تحمل طفلها الرضيع الخروج من منزلها في الثالثة صباحاً، وهو الأمر غير الممكن نظراً لفرض الإسرائيليين حظراً للتجول
وعندما سألها الجنود ماذا معك؟، أجابت: طفلي أوشك على الموت، ليقترب شاب درزي منها ويصطحبها إلى المشفى رغم محاولات منع باقي الجنود له، ولدى عودته قررت السلطات الإسرائيلية المعنية معاقبته على فعله الإنساني هذا" هذه الحكاية غيض من فيض، لا استنتج ان هذه هي الحقيقة الكاملة، لكن هذا وجه آخر عادة الاعلام لا يتطرق له.
الامر الذي اريد توضيحه ان الصورة التي يعرفها أهلنا تحت الاحتلال عنا نحن الدروز هي صورة مشوهة، لا ابرأ ولا ادافع عن أي مجند درزي يقوم بأي عمل غير أخلاقي او غير انساني، من يقوم بهذه الاعمال المشينة هو ليس منا وخارج عنا وعن قيمنا التوحيدية المعروفية.
تاريخ الصراع الفلسطيني مع الحركة الصهيونية مدون بالأحداث والأسماء وبأدق التفاصيل نسبة المتعاونين الدروز مع الحركة الصهيونية هامشية جدا إذا ما قسناها مع باقي العرب من جميع الطوائف، كتاب "العرب الصالحون" وكتاب جيش الظل للمؤرخ لهليل كوهن، التطهير العرقي في ارض فلسطين للمؤرخ ايلا بابيه لا يترك أي مجال للشك، الدروز لم يبيعوا ارضهم للحركة الصهيونية انما صودرت بالقوة، بينما باع الكثيرون من العرب ارضهم للوكالة اليهودية بمحض ارادتهم منذ وعد بلفور حتى سنة 1948، يقول هليل كوهين في كتابه جيش الظل عن حجم العمالة العربية الفلسطينية، مع الوكالة اليهودية، بصفحة 93 عن لسان صحيفة (مرآة الشرق) الصادرة سنة 1927 بقولها "اذا قمنا بتعداد الخونة وفقا لبعض الصحف، سوف يصبح نصف اهالي البلاد خونة... أيعقل أن يقوم نصف الشعب بخيانة وطنه"
أزمتنا هي ليست في تاريخنا، انما في جهل الاخرين لنا وجهلهم لحقيقة تاريخهم. الكثيرين من أبناء شعبنا في قرارة نفوسهم لن يتقبلوننا، حجم الكره والحقد الذي يصدر غير مفهوم وغير مبرر، وأي قائد او مثقف يحاول ان يكتب الحقائق او يقرب القلوب ووجهات النظر يكون عرضة للنقد والتجريح والتخوين.
من جهة أخرى قانون القومية جرد المتوهمين منا من حلم اسرائيليتهم وأنهم جزء من الدولة والمجتمع اليهودي، نحن لسنا جزء من الشعب اليهودي، ولا في مأمن بين شعبنا، مثلنا كباقي الأقليات والمذاهب على امتداد الوطن العربي من المحيط الى الخليج.
أحد أسباب الكره، هو الجهل، صحيح نحن طائفة مغلقة ومحافظة لكن لنا تاريخ واضح، قلة هم الذين جنوا على أنفسهم وقرأوا تريخنا وتعمقوا به، بينما سهل اختلاق الاشاعات وتصديقها واستخلاص العبر منها وحتى تدوين كتب مغرضة.
بغض النظر عما يعتقده البعض، نحن جزء من هذا الشعب وتاريخه وجزء من هذه الحضارة والتراث، علينا ان نرسخ هذه المفاهيم في أولادنا، حفاظا على هويتنا التوحيدية من الضياع.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى: [email protected]
موقع هنا الموقع الرائد بموضعيته ومصداقيته يدعوك للانضمام إليه عن طريق الواتس أب عبر الرابط المرفق : انضموا الينا
0 تعليقات