الشيخ ابو علي مصطفى الاطرش ودحام بن مِعْجِل (الحلقة الاولى)

Post

 ( القصة على لسان الشيخ ابو زاهي منصور حسن  طافش ابن جبل الدروزسابقا )

أُعِدّت بقلم – مالك صلالحه – بيت جن

بعد ان توفي زعيم جبل العرب الدروز شبلي بيك الاطرش  شيخ  بلدة عرى ..تولى الزعامة من بعده  الشيخ يحيى الاطرش ..وذلك في العام 1904  ..وذلك بعد ان كان قد نشب عراك  بين بنو معروف الدروز وقبيلة دحام بن معجّل البدوية ..امير عرب العِنْزي وذلك في العام 1901...وكان هنالك معاهدة حلف بين بنو معروف وعرب السرديّه ..التي كان زعيمها الشيخ متعب ابن كليب ..التي تعود اصولها الى عرب الحجاز الذين عاصروا جبر بن جابر ..

وفي احد الايام قام الشيخ متعب وخيالته برفقة فرسان من بني معروف بقيادة ابو مزيد سليم بن منصور الاطرش بغزو ديار دحام بن مِعْجل ابن سمير ابن طيّار  الذين كانوا قد نزلوا قريبا من تل الحارة شرقي الجولان بجوار القرى الشركسية : كبير ومحجم  وبريقة وجْويزة ... ولكن عرب الجوار بالقرب من قرى الشركس الملقبة  بالحوارنة  كالجاد وجاسم والحارة ونبع الصخر

احسوا بالغارة فتهيأوا لها وقاموا بصد الغارة وفكوا  الحلال الذي نهب وذلك بعد قتال شديد دار بين الطرفين راح فيه العديد من القتلى .. اسفر عن هزيمة كل من الشيخ متعب والشيخ سليم ..واستطاع عرب دحام اسر الشيخ مزيد بن سليم الاطرش ..وبسبب عدد القتلى الكبير في صفوف الاخير اقدم على قتل الاسير سليم في بيته غدرا بخلاف الاعراف والعادات العربية  وذلك بعد تحريض النسوة الثكلى على قتله انتقاما لمقتل شيخ من شيوخ عرب دحام يدعى فرحان بن معجل..

فلما وصل الخبر الى ديار الدروز ثارت ثائرتهم لمقتل اسيرهم غدرا ..واخذوا يتحينون الفرصة للأخذ بالثأر ..ولما عرف دحام بنية الدروز ..ولى هاربا خوفا منهم ..وفي طريق هربه وصل الى موقع يدعى ابو مراح يقع بين الشام ومنطقة جبل الدروز ..وصادف مرور قافلة  تجارية  من دروز الجبل عائدة من الشام الى الجبل ..ومن شدة تعبهم خلدوا للنوم ..فلما عرف عرب دحام  بالامر هاجموهم على حين غرة واستطاعوا قتل اثني عشر رجلا ...ونهبوا الحلال والبضاعة ..وفروا بالغنائم ..شرقا نحو قبائل العربان الموالية لهم ..ليخبرهم بما اقدم عليه طالبا منهم الوقوف في صفه لمقاتلة الدروز والقضاء عليهم ..

الا ان العربان لما عرفت حقيقة  ما حدث .. القت اللوم على دحام وتخلّت عنه  بسبب غدره  وقتله للاسير  ..الامر الذي يُنافي الشرف و الاعراف والتقاليد العربية الاصيلة ..

إلا ان دحام أصابه  الغرور وأخذ يفتخر ويتباهى بفعلته المُشينة ضد بني معروف ..حتى وصل به الامر بإرسال قصيدة الى الشيخ ابو علي مصطفى الاطرش شيخ قرية امتان  الذي كان متفقا عليه  كقائد حربي لكل دروز الجبل في الحروب العامة ضد  من تسوّل له نفسه بالتعدي على اهل الجبل..  وذلك باعتراف كل عامة الشعب  والحكومة .. اذ انه كان صاحب حظ ... فما من حملة او حرب قادها الا وكان النصر حليف الدروز وحلفائهم وذلك عائد الى صلاحه وصفاء نيته وشجاعته وكرمه..

ومما جاء في القصيدة:

يا الله اللي منطي العطايا للياسيل            يلّي عن الطلاب ما صك بابه

اجعلني عليهم مثل طير الآبابيل            وديارهم تضحي عايده خرابه

حنّا لهم ما ظنء ورانا محاصيل         والرزق عند اللي يقود السحابه

يوم سماك عج الصبايا تقل سيل          ومطيرق ما ظن يبرا صوابه

ما ظن تنكر بو علي غارة الخيل         يا خيلنا يِمْطى الوِزَر ما نهابا

ذيب العويلي صاح ذيب الهزازيل         يذكر لهم بوادي مْحجّه ذيابه

قفّن خيولك شاردات مذابيل              واللي سِلم هناك كاسب كسابه

واللي وقع غارت عليه المحاويل               بناتكم  عليه شقّن ثيابها

لا تحسبن حرب ابن معجل محاصيل     السيف حنّا من خلقنا نِصابه

دحام قال القول حلو التماثيل                 غنّو بها يا لعّابين الربابه

ولما وصلت القصيدة الى يدي الشيخ ابو علي مصطفى ثارت ثائرته ففكر  بجمع الدروز بنية إطلاعهم  على فحوى القصيدة .الا انه تراجع عن الفكرة .. اذ انه لا يعرف وكذلك عامة الدروز لا يعرفون  مكان نزول عرب دحام..اذ ان الاخير هرب ورحل الى مكان بعيد عن اراضي جبل الدروز خوفا من الثأر ..

فقام ابو علي واستدعى احد رعاة البدو لديه..واخذ عليه العهد والقسم بالله العظيم الا يخون الامانة التي سيحملهه إياها  ..

حيث قام بمنحه مهلة غير محدودة  ليتقصّى له اخبار دحام ويرصد تنقلاته  ويقوم بالبحث عن مكان تواجد دحام وعشيرته ..وان يُطلعه على جناح السرعة متى  ينزل بمكان قريب من جبل الدروز ..ومقابل هذا يتكفّل ابو علي ان يوفر له مؤنة سنة كاملة عن كل المدة التي يقضيها في مهمته هذه ..اضف الى تكفّل ابو علي بكسوة اهل بيت الراعي طوال مهمة بحثه ..زد اليها اجرته في رعي حلال الشيخ ابو علي ..مشترطا على الراعي إبقاء امر مهمته سريا عن مسامع عشائر دروز الجبل

هذا وقد قضى الراعي ثلاث سنوات وهو يتعقب اخبار وتنقلات دحام وعشيرته ..الا ان نزل دحام اخيرا في مكان قريب من الجبل  يدعى بُرك ضْمير شرقي مدينة الشام دمشق ..التي تبعد عنها مسيرة يوم كامل ...وطوال هذه المدة حاول دحام عبثا تأليب عربان البدو وحثّهم على  الوقوف الى جانبه في معركته الهادفة الى القضاء على  بني معروف .. الا ان العربان لم تتجاوب معه نتيجة فعلته الشنيعة... الا وهي الغدر باسيره في بيته.. و بفرسان القافلة وهم نيام ..الامر الذي يُعد عارا في عُرف  العرب  وينافي كل اعراف عاداتهم  من مروءة وشهامة  وعفة عند المقدرة..كما حاولت القبائل والعشائر البدوية بنصحه بأن  يعترف بغلطته إذ أن الاعتراف بالذنب فضيلة .. ويبادر لطلب الصلح مع بني معروف وفقا للعادات المرعية وذلك حقنا للدماء ووقف مسلسل الثار  .الا ان دحام حين افلس من نجدة العربان قفل راجعا الى دياره في الجولان اذ كان يملك بلدة تسمى – عين ذكر العبيد – وقُبيل وصوله البلدة نزل في موقع يدعى ضْمير دون ان يعلم انه مُراقب ومُلاحق.

فلما تأكد  الراعي( مبعوث الشيخ ابو علي ) من رؤيته واستقراره في الموقع ..قفل راجعا ليُعلم سيده الشيخ ابا علي مصطفى قائلا له ( ان الذيب في الجليب) وهو مثل تتداوله العرب بمعنى :( ان الذئب في البئر وليس له مهرب وهيّن ذبحه) .

فلما تاكد الشيخ من صحة الخبر وحِفْظ البدوي للسر ..قام على الفور وارسل رسالة الى ابن عمه حمود بيك الاطرش ابن ابراهيم ابن اسماعيل الاطرش الاول والذي كان موظفا في مدينة السويداء من قبل الحكومة التركية ...مُخبرا اياه عن نيته في جمع فرسان الدروز في السويداء من اجل  مهاجمة  دحام والاخذ بالثار منه ..وتم الاتفاق على ذلك حيث لبّى فرسان السويداء وفرسان  من قرى الجبل  طلب الشيخ  حمود بيك.. وهو الذي كان متعطشا للاخذ بالثار من دحام  من اجل دم قريبه الذي غدر به دحام وهو أسيرا في بيته. إضافة الى دماء فرسان القافلة الذي نقام بذبحهم  دحام ورجاله على حين غرة وهم نيام.... ولكي يضع حدا لتهكمات وتعليقات وسخريات العربان واهالي الشام بما فعله دحام وعشيرته مع الدروز

إذ كانوا يعيرونهم ويخيفونهم بدحام ..وبالفعل فقد لبت فرسان الجبل من كل البلدات والمقارن في جبل الدروز دعوته بعد ان اعلمهم بالخطة والهدف ..

وكان من بين المدعوين نسيب بك من صلخد ويحيى بيك من عرى وفارس الاطرش من ذبين وسلمان الاطرش من ام الرمان وسليم الاطرش من الغارية وحسين الاطرش من من عنز وسلطان وجدعان من القرية وال نجم وشيوخ عرمان وملح والهويا ..وقد كان الاجتماع حاشدا  وتضاربت الاراء بين مؤيد ومعارض للحملة .حينها وقف الشاعر اسماعيل العبدلات والقى قصيدة نارية الهبت مشاعر الحضور  حاثا اياهم على المشاركة لأخذ الثار ورفع العار الذي الحقه دحام  ببني معروف

مما اثار حمية الفرسان ودبت النخوة فيهم .اما الشيخ حمود فأخذ على عاتقه  تدبير الامر لدى الحكومة التركية لضمان عدم تدخلها في شؤون الجبل وما سيحدث ..

عندها  قاموا بوضع خطة محكمة للحملة واستثنوا اهالي المقرن القبلي من المشاركة في الحملة.. لكي يبقوا على أهبّة الاستعداد للتصدي لأي خطر مباغت  من ناحية قبائل البدو من بني صخر والخرشان في الأردن- حلفاء دحام - اذا ما حاولت الغدر  باهالي الجبل  في غياب فرسان قراهم .

وقام الفرسان المشاركون في الحملة بالانتقال بخيولهم وجمالهم الى قرية الهيث لتوفُر مصادر المياه للشرب وسقي الخيول والجمال ..وقد شارك في الحملة الى جانب فرسان الدروز فرسان من العشائر البدوية  الحليفة التي تعيش بينهم في ارض الجبل   كعرب السردية والمساعين والعيسه والعظامات والشرفات والسواطي ..وأُكملت الاستعدادات لمهاجمة دحام وعشيرته في عقر داره ..اذ تم إرسال نذير الى دحام للامتثال للحق والإعتذار  وطلب السماح والصلح وإلا عليه مغادرة المنطقة الى غير رجعة.. اذا كان يريد الحفاظ  على حياته وعلى حياة أبناء عشيرته  ليحقن الدماء والا فان الدروز سييقومون بمهاجمتهم وهو من يتحمل تبعة ذلك .

(انتظروا الحلقة الثانية القادمة)

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى: [email protected]

موقع هنا الموقع الرائد بموضعيته ومصداقيته يدعوك للانضمام إليه عن طريق الواتس أب عبر الرابط المرفق : انضموا الينا

0 تعليقات

انضم إلى المحادثة