مجزرة في السويداء.. 10 ضحايا غالبيتهم نساء وأطفال
مجزرة في السويداء.. 10 ضحايا غالبيتهم نساء وأطفال
شهدت بلدة عرمان في ريف السويداء الجنوبي الشرقي، مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن عشرة مدنيين، جلّهم من النساء والأطفال، جرّاء غارات جوية يرجح أنها من فعل سلاح الجو الأردني.
في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، نفذت مقاتلات حربية غارات جوية متزامنة على الأحياء السكنية في بلدتي عرمان وملح المتجاورتين، في الريف الجنوبي الشرقي للسويداء. في ملح تسببت الضربة بأضرار مادية في بعض المنازل، أما في عرمان، فقد خلفت كارثة غير مسبوقة.
بحسب ما أكدت مصادر نفذ الطيران الحربي غارتين على بلدة عرمان، الأولى استهدفت منزل عمر طلب، في أحد الاحياء المتطرفة عن البلدة، والثانية استهدفت منزل تركي الحلبي المؤلف من طابقين، في وسط البلدة.
تسبب القصف على المنزل الأول، بمقتل عمر طلب، ووالدته أمال زين الدين، وعمّته اتحاد طلب. وكانت الفاجعة مضاعفة في منزل تركي الحلبي، حيث قُتل سبعة من أفراد العائلة، بينهم طفلتين لا تتجاوز أعمارهما خمس سنوات. ديما، وفرح، ابنتا تركي.
انهار المنزل بفعل الغارة الجوية فوق العائلة، وهرع عشرات المدنيين مع فرق الإطفاء والدفاع المدني لانتشال جثامين الضحايا، في عملية لا تزال مستمرة حتى ساعة كتابة التقرير، حيث لا يزال تركي الحلبي ووالدته المسنة روزا الحلبي تحت الأنقاض.
مصدر من آل الحلبي، أكد أن الغارة أدت إلى مقتل كل من: السيدة فاتن أبو شاهين، وطفلتيها ديما وفرح الحلبي، والسيد نزيه الحلبي وزوجته السيدة إقبال الحلبي. فيما لا يزال شقيق نزيه، تركي الحلبي، مع والدته، تحت الأنقاض، ويرجح أنهما فارقا الحياة أيضاً.
من جانبه، أعلن فوج إطفاء السويداء وفاة 8 أشخاص كحصيلة أولية، وإصابة 3 آخرين، جرى نقلهم إلى مستشفيات المحافظة. وأشار فوج الإطفاء إلى وجود أشخاص آخرين تحت الركام، مؤكداً استمرار عملية البحث عن المفقودين.
عمليات انتشال الضحايا تنتهي في ريف السويداء
انتهت عمليات البحث والإنقاذ بين الأنقاض، بانتشال آخر جثة في بلدة عرمان بريف السويداء الجنوبي الشرقي، للسيدة المسنة روزا الحلبي، لتكون الحصيلة النهائية للمجزرة، عشرة ضحايا، بينهم خمس نساء، وطفلتين.
جهود مضنية لفرق الإطفاء والدفاع المدني، وعشرات المدنيين، استمرت لأكثر من عشر ساعات في عمليات البحث بين الأنقاض. جثة وراء جثة، فاجعة غير مسبوقة على بلدة عرمان، انتهت بحصيلة كبيرة، وصفها الأهالي بالمجزرة.
مراسل السويداء 24 الذي واكب عمليات انتشال الضحايا منذ الساعات الأولى لحدوث القصف، وصف المشاهد بالمهولة والصادمة. غالبية الجثامين انُتشلت أشلاءً، الصدمة بدت واضحة على وجوه الأهالي والحاضرين، بيوت مدمرة، وكأن مشاهد القصف والدمار التي لم تألفها محافظة السويداء منذ عام 2011، باتت عنوان المرحلة.
شيعت جماهير غفيرة من الأهالي جثامين الضحايا العشرة، وسط حالة من الغضب والاستياء. ندد المشيعون بهمجية القصف التي تُذكر بمشاهد الحرب في غز.ة، وجهوا سهام غضبهم للسلطات الأردنية، والسورية التي تبدو من صمتها متواطئة بما يحصل.
وتكررت في الآونة الأخيرة، الضربات الجوية على القرى القريبة من الحدود السورية الأردنية، بعضها تستهدف مراكزاً ومستودعات ومنازلاً تقول مصادر أردنية غير رسمية، إنها لمتهمين بتجارة المخدرات نحو الأردن، وهذا ما يعزز فرضية سلاح الجو الأردني. وغالباً ما يسقط مدنيين أبرياء من النساء والأطفال في هذه الغارات.
ولم يصدر أي تعليق بتبني مسؤولية القصف أو نفيها من جانب الجيش الأردني
ومع ذلك كان المسؤولون الأردنيون قد هددوا مرارا وتكرارا في الفترة الأخيرة بملاحقة مهربي المخدرات، بعدما تصاعد نشاطهم على نحو كبير من داخل الأراضي السورية، ووصل إلى حد إدخال أسلحة ومخدرات عبر الحدود.
"غضب وحداد"
وبعد ظهر الأربعاء وفي أعقاب انتهاء فرق الإنقاذ السورية من انتشال القتلى وآخرهم "أم نزيه" من تحت الأنقاض شيع المواطنون في بلدة عرمان الضحايا، وسط أجواء من الغضب والحداد.
كما شهدت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء مظاهرات احتجاجية تخللتها دقيقة صمت مع رفع لافتات تدين "الجريمة المروعة التي ارتكبتها المقاتلات الأردنية".
وألقى أقرباء الضحايا كلمات خلال مراسم التشييع في عرمان، وقال أحدهم في تسجيل مصور نشرته شبكة "الراصد": "ندفع جميعا ضريبة باهظة الثمن في دولة تخلت عن دورها في الحماية من كل أنواع الخوف التي نعايشها يوميا والتي ضمنتها العهود والمواثيق الدولية".
وأضاف: "إلى متى سنبقى ضحايا مجانيين ومقابل ماذا؟ بأي ذنب قتلوا. إذا كانت لديكم براهينكم يجب أن تتبعوا الوسائل القانونية. نحن لنا حقوق وأولها حق العيش بكرامة".
وتابع آخر: "سوف يخاطبكم شهداء الاستهتار والمصالح الدولية القذرة: بأي ذنب قتلتمونا؟ أخي الشهيد كان مزارعا وأمه مرة مكافحة وعمتي امرأة أرملة كافحت وربت ابنتها حتى تخرجت طبيبة ولم تفرح بها بعد!. قتلتموهم بدم بارد".
الناشط السياسي مروان حمزة وهو أحد قادة الحراك السلمي في السويداء يشير إلى "حالة استياء كبيرة تشهدها المحافظة بسبب المجزرة البشعة التي حصلت".
ويقول: "هناك من يقول إن القصف يرجح أنه أردني. من له مصلحة بالضرب الجوي هناك إلا الأردن وبتوافق مع النظام السوري".
حمزة يضيف أن "السكان في السويداء ليسوا ضد مكافحة المخدرات على طول الحدود، لكن يؤكدون أن النظام السوري لا يسأل عن أي روح مواطن هناك ومن يذهب بالقصف هم أبرياء".
وهذه الضربة الجوية هي الرابعة من نوعها التي تنسب إلى عمّان دون أن يتبناها الأردن.
ومنذ مطلع العام الحالي حصلت ضربتان الأولى في الخامس من يناير والتاسع من الشهر ذاته.
ونقلت رويترز عن مصادر استخباراتية إقليمية أن "القصف الأردني استهدف مخابئ ومستودعات يستخدمها مهربو مخدرات وأسلحة، ومدعومون من إيران في الجنوب السوري".
لكن ناشطين من جنوب سوريا وبالأخص من السويداء التي تتركز الضربات على ريفها الجنوبي يجادلون بأن الضربات تستهدف "تجار مخدرات"، ويشيرون إلى قائمة من الضحايا المدنيين، آخرهم العشرة من أبناء قرية عرمان.
ويضيف الناشط حمزة: "ما يحصل لا يتعلق بحقوق الإنسان والشرائع الدولية".
ويتابع: "النظام السوري هو من يروج لتجارة المخدرات عبر وكلاء له ومعروفون جيدا. لكن من يقتل بالقصف هم الأبرياء ونحن نستنكر هذا العمل الجبان. الناس قتلوا وهم آمنون ونائمون".
ولا يعرف ما إذا كان هناك تنسيق أمني وعسكري بين الجيش الأردني وقوات النظام السوري بشأن الضربات التي تنسب لعمان في جنوب سوريا.
وكانت 3 من الغارات الجوية قد تبعت "اشتباكات واسعة وكبيرة" خاضها الجيش الأردني على طول الحدود مع سوريا.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى: [email protected]
موقع هنا الموقع الرائد بموضعيته ومصداقيته يدعوك للانضمام إليه عن طريق الواتس أب عبر الرابط المرفق : انضموا الينا
0 تعليقات