النبي سبلان (ع) سيرته ومكانته عند الدروز
النبي سبلان (ع) سيرته ومكانته عند الدروز
بقلم الشيخ ابو محمد رياض حمزة – جولس – أيلول 2023 .
الأخوة والأخوات أبناء التوحيد تحية .
ونحن على أبواب زيارة مقام نبي الله سبلان ، عليه السلام ، (10/9/2023) يُسعدني أن أضع بين ايديكم بعض مادة تضيء بعض جوانب من سيرة سيدنا سبلان ع ، الحافلة بالتضحية والعطاء، متمنياً للجميع زيارة مقبولة وعاماً حافلاً بالسعادة والهناء .
النبي سبلان (ع) من أنبياء الدّروز، ويرجح بعض مشايخ الدروز الثقات بأنه زبولون أحد أبناء النبي يعقوب (ع) (ليس مُثبتاً) ، وهناك من يقول أن اسنه كان سابا ، وأنه كان متشدداً قوياً شجاعاً لا يخاف لومة لائم ، وأنه كان يجلس يوماً مجلس استشارة في قومه ، مُتصلبا مُتشدداً في رأيٍ يناقشه مع القوم الى أن لان رأيه وتحول من الصلابة الى الليونة فقيل فيه سابا لان ، وهكذا اخذ الاسم سَبلان .
عاش النبي سبلان في عصور سابقة ودعا للخير والصّلاح وعبادة الله ، وكان ينشر الحقّ والعدل بين النّاس ، وحمل رسالة ربّه في نقل المعرفة والإيمان والدّلالة على الواحد الأحد كي يبتعد النّاس عن الخطأ ويسلكوا طريق العبادة والصّواب. ويقال أنه سكن في مغارة على الجبل الذي عرف باسمه (جبل سبلان)، يرعى عنزاته وينشر الحق والعدل بين الناس.
عاش سيدنا سبلان (ع)، في مغارة على قمة جبل شاهق (جنوبي قرية حرفيش)؛ والذي لا تربطه أيّة رابطة بسلسلة من الجبال التي حولهُ وهي جبال شامخة تحتضنه من جميع الجهات . كان النبيّ سبلان (ع) يتعبّد في مغارته، فعاش ودَعا وتحمل المشقات والصعوبات كي يوصل رسالة التوحيد إلى المؤمنين في هذه المنطقة.
فرض النبي سبلان (ع) احترامه على سكان قرى الجليل الاعلى ، فكان عليه السلام – الملجأ والحاكم والقاضي بين الناس- وتحولت المغارة التي يسكنها محجّةً تحج إليها الناس من كل حدب وصوب للتبرك وترسيخ الإيمان في قلوبهم . وقد اشتهر بأنه يشفي قطعان الماعز والطروش الأخرى . ومن الأمثال التي درجت على ألسنة سكان منطقة الجليل : "هل عنزاتك مثل عنزات سبلان"، أي هل تترك قطيع ماعزك دون راعٍ ولا تخاف عليه وكأنه قطيع النبي سبلان (ع) الذي لا راعي له. فقد كانوا يزوِّرون قطعانهم في المقام، وكل رأس ماعز يقف أمام المغارة فهو للنبي، إذ قالوا : "هذا مربوط لسبلان" . وقد كانوا يحفظون أماناتهم في المقام .
اعتبر أهالي قرية حرفيش الرابضة شمالي جبل سبلان والمحتمية بسفحه، أنّ هذا المكان مقدسا، وقد شاهدوا وقوع بعض الكرامات فيه، فأصبح المكان محجّا ومقصداً للتبرك ولإيفاء النذور وللدعوة والصلاة والابتهال. ففي حياة كل شعب، وفي حياة كل مجتمع بشري، يوجد أولياء صالحون، ويوجد اشخاص لهم فضل على المجتمع، يلجأ إليهم الناس عند الضيق، أو عندما تتلبد غيوم وهموم الحياة وتسد الطرق في وجوههم.
مقام سيدنا النبي سبلان (ع)
مقام النبي سبلان (ع) هو أحد الأماكن المقدسة للدروز، إذ يعود تاريخ هذا النبي (ع) إلى زمنٍ بعيد.
يقع المقام على قمة جبل سبلان جنوب قرية حرفيش في الجليل الأعلى، ويرتفع عن سطح البحر 900 م. ويشرف على قرية حرفيش ويمكن منه مشاهدة معظم مناطق الجليل الأعلى. يحتوي المبنى على المغارة التي كان يتعبد فيها سيدنا سبلان (ع) والمبنى الذي شُيِّد فوقها ، على مراحل ، لاحقاً.
أول قبّة أقيمت فوق المغارة كانت بسبب حلم حلمه الشّيخ الحاج سليمان الحريري ، حيث طلب منه النبي أن يقيم قبة على المغارة قبل ما يقارب ال 140 عام.
كان المقام يشتمل على أربعة عقود قديمة قائمة فوق الكهف الذي كان يتعبد وينام فيه، كما ويوجد فوق كل عقد قبة (أربع قباب). ثم أضيفت للمقام خلوة واسعة للصلاة، وغرف للمبيت وأخرى لتحضير الطعام لوفود المشايخ وأبناء الطائفة الدرزية الذين يحضرون لهدف الزيارة أو إيفاء نذر. أما اليوم فالمقام مؤلف من أربع بنايات منفردة، كالاتي:
1. البناية الرئيسية للمقام، وتتضمن: المغارة، الخلوة والمضافة.
2. مخزن المقام: يقع هذا البناء الحجري القديم في الجهة الجنوبية الغربية من المقام.
3. مبنى يقع في الجهة الشّرقية الجنوبية من المقام: وهو جناح المطابخ والخدمات للزوار.
4. غرف لمأوى الزائرين: تقع في الجهة الشرقية من الساحة الداخلية الجنوبية.
إضافة إلى ذلك فهناك ساحتان: السّاحة الدّاخلية وتقع بين البنايات المختلفة. والسّاحة الخارجية وتقع غربي المقام وخارج أسواره. وقد كانت في المقام بئران قبل وصول الماء إليه عام 1965. وفي عام 1969 تم وصل المقام بالتيار الكهربائي، كما وصله الشّارع في عام 1973، والهاتف في عام 1975، وقد اصدرت الدولة سنة 1984 طابعا بريديا بصورة مقام النبي سبلان (ع) لذكرى العيد.
وقف النبي سبلان (ع)
كان للمقام وقف بلغت مساحته 760 دونمًا، ثمّ جرت تسوية مع أملاك الدّولة. اعترفت الدوله والجهات المختصة بها أن المقام وما حوله (206 دونم) – وقفا للمقام ومُلكا للطائفه الدرزية وسجلت هذه الأراضي على اسم وقف النبي سبلان (ع). وله وقف في كفر سميع فيه عشر زيتونات، ويدير الوقف وشؤون المقام لجنة من أهالي حرفيش برئاسة سايس الخلوة . (اليوم الشيخ أبي علي مهنا فارس) .
زيارة مقام النبي سبلان (ع)
أخذ الناس يتوافدون الى هذا المقام، للتبرُّك والتقرب ودخول خيمة الإيمان. وفي أواخر القرن التاسع عشر، عندما تمّ ترميم مقام سيدنا شعيب عليه السلام، من قِبل الشيخ المرحوم مهنا طريف (السيد)، وعُيّنت زيارة خاصة لذلك المقام الشريف، أدخل هذا الحدث الى وعي الجماهير الدرزية، وجود مقامات وأضرحة في القرى المختلفة. فقامت الرئاسة الروحية، وفي مقدمتها فضيلة المرحوم الشيخ أمين طريف، بالإعلان عن زيارة النبي سبلان عليه السلام، كزيارة رسمية وكعيد معترف به، من قِبل الدولة.
سابقاً ، كانت زيارة المقام تُقام في الثامن عشر من شهر أيلول من كل عام، ثمّ اتخذ مشايخ الدين قرارًا بأن تصبح الزّيارة في العاشر من نفس الشّهر، وذلك اعتبارًا من عام 1965. حيث يحتفل أبناء الطائفة الدرزية بزيارة مقام النبي سبلان (ع). وهناك تقام الصلوات بمشاركة المشايخ الوافدين من كل القرى وعلى رأسهم قيادة الطائفة الروحية وأيضا المشايخ التقاة أصحاب المنزلة الدّينية المرموقة والتي يشهد لهم بها جميع الإخوان.
قصص عن كرامات النبي سبلان (ع)
قصة عين الدِرِّة
تحيط بجبل النبي سبلان (ع) عدة ينابيع، منها: عين الجديدة، عين المزاريب، نبع عباس، عين النّمرة، عين الرّعيش وعين الدِرِّة. وتنبع عين الدِرَّة في السّفح الشّرقي من الجبل، ويعتقد الناس أن لمياهها خاصية فريدة من نوعها. وكان من عادة المرضعات، إذا شحَّ حليب إحداهن، أن تغتسل بماء هذه العين، فيعود وضعها الى ما كان عليه ويكثر حليبهما.
قصة وادي الحبيس
تصب هذه الينابيع (عين الجديدة، عين المزاريب، نبع عباس، عين النّمرة، عين الرّعيش وعين الدِرِّة) في واد يجري إلى الجنوب الغربي من جبل النبي سبلان (ع)، ويدعى وادي الحبيس، وهو بداية وادي القرن. وأما سبب إطلاق هذا الاسم على الوادي، فيقال: أن النبي سبلان (ع) تعرض مرة لاضطهاد مَن كفروا برسالته، فاضطر إلى الهرب منهم، ولكنهم طاردوه وأرادوا الإيقاع به، وعندما وصل إلى سفح جبل سبلان، أوشكوا على اللحاق به، فابتهل إلى ربّه طالبا النجاة منهم. فانهمر مطر غزير، وحدث سيل عارم، رفع منسوب المياه في الوادي إلى حد منع الأشرار من أن ينالوا مِن النبي بسوء.
قصة البليلة
يروى أنّ سكان قرية حرفيش كانوا يسلقون القمح على عين وادي الحبيس، وينشرون الحب المسلوق (البليلة) على صخور تنتشر هناك، حتى يجف.
وفي إحدى الليالي، تمكن أحد اللصوص، في غفلة من أصحاب "البليلة"، أن يتسلل ويملأ كيسًا بالحب ويحمله على ظهره ويعود هاربًا، ظانًا أنّه قد فاز بالغنيمة، وظل يسير طول الليل، فلما بزغ الفجر وجد نفسه يدور ويحوم في نفس المكان لا يستطيع الابتعاد عنه. وكان أصحاب الحب قد استيقظوا فقبضوا على السّارق، وأعيد الحب لأصحابه.
ومنذ ذلك اليوم صار أهالي حرفيش يتركون البليلة في وادي الحبيس بدون حراسة، فلا يجرؤ أحد أن يمسها بسوء.
قصة عنزات النبي سبلان (ع)
كان عند النبي سبلان (ع) قطيع من الماعز يعتاش منه، وكان القطيع يتوجه تلقائيًا إلى المرعى ويعود في المساء لوحده دون أن يتمكن أو يجرأ من أذيته حيوان أو إنسان. وكان القطيع المذكور منسجما مع بعضه ولا تبتعد العنزات عن القطيع بل تبقى مع بعضها البعض، مما يدل على إحدى معجزات النبي سبلان (ع).
.( قصة شجرات النبي سبلان (ع)
تنمو أشجار عديدة ومتنوعة على سفوح جبل سبلان (ع)، وخاصة أشجار السّنديان. ويحكى أنّ النبي سبلان (ع) كان يترك كهفه الموجود على رأس الجبل وينزل ليستظل ويتعبد في ظِلال شجرات عالية. وفي أحد الأيام نشب حريق كبير أدى الى حرق جميع الأشجار في الجبل، ولكن عندما وصلت النار إلى الشجرات التي كان النبي يستظل بظلها، انطفأت النار وسَلِمت الأشجار وترى هذه الأشجار حتى اليوم خضراء شاهقة ومنها تتدلى بعض قِطع الأقمشة التي يستعمل الزوار بعضاً منها للتبرُّك بها .
قصة السّارق الذي انعقد لسانه
قيل أنّ سارقًا حلف يمينًا كاذبًا في مغارة النبي سبلان (ع)، فخرج منها وقد "انعقد لسانه". ولم يَشْفَ إلا بعد أن اعترف بذنبه، وأعاد المسروقات لأصحابها، وتاب وتصدق للمقام .
هذه بعض مِن القصص التي ذُكرت حول النبي الكريم ، وهي كثيرة .
زيارة مقبولة وكل عام وانتم بخير .
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى: [email protected]
موقع هنا الموقع الرائد بموضعيته ومصداقيته يدعوك للانضمام إليه عن طريق الواتس أب عبر الرابط المرفق : انضموا الينا
2 تعليقات
ندى الورد, 5 اشهر
عنجد بستغرب كيف بتألفو قصص و حكايا و بتصدقوها و بتآمنو فيها
لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
و الله يهدي الجميع
كمال جابر, 5 اشهر
ردا على السيدة ندى الورد التي من المؤكد انها تضع اسما مستعارا ، اقول وذلك للتذكير فقط
إن القرآن الكريم والإنجيل والتوراة ملىء بمثل هذه القصص .
أختم : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم