الوادي : (وادي الذكريات)
الوادي : (وادي الذكريات)
بقلم – مالك صلالحه – بيت جن
في كل مرة اتلقى كتابا كهدية، تغمرني فرحة عارمة، كفرحة طفل تُهديه هدية في يوم عيد طالما كان يتمناها او يحلم بها
هذا الكتاب الذي قدم له الأخ والصديق الوفي الشاب العصامي وصاحب الضمير النقي والنخوة ابو وسام عادل إسماعيل خطار حمود ، صاحب دكان للهدايا وورشة لتصليح ساعات وأجهزة كهربائية كل ذلك بأسعار منخفضة ، الانسان الذي وفر الكثير من الوقت والنقود على اهل البلد ، الذين كانوا يعطلون أعمالهم للسفر مرة او اكثر الى عكا والقرى المجاورة ، لشراء هدية او تصليح ساعة او جهاز كهربائي وغيره.
كتب فابدع وأعطى الكاتب ما يستحقه من إطراء على عنائه في تأليف وتوثيق احداث وحكايات ونوادر نعتز بها كاهل بيت جن جميعا.
فللكتاب قدسية سرية، تشدك حالما تستلمه لإن تفتحه لتسبر اغواره وتقرأ ما يُخبئه لك بين سطوره، كم بالحري عندما تستلم فجأة كتاب مولود حديثا طالما انتظرت ميلاده من بين يدي تلميذك الذي كبر امام عينيك ليصبح أخا وصديقا وزميلا، سار في نفس الطريق الذي سلكته انت، وامتهن أشرف مهنة في الوجود، الا وهي مهنة المعلم والتعليم والتربية ، كيف لا وأول معلم كان سيدنا شعيب عليه السلام، ليتلوه الأنبياء والرسل الكرام -موسى، يسوع ومحمد عليهم السلام جميعا ،ثم اسيادنا من فلاسفة اليونان كفيثاغوروس وافلاطون وارسطو وذيوجانيس وغيرهم من حكماء الشرق كبوذا وبلوهر وكونفوشيوس طيب الله ذكراهم.
منذ ان وصلني كتاب -الوادي- للأخ الوفي والزميل والرفيق في دروب الابداع الادبي الأستاذ أبو هشام مسعد خلد ، سارعت في اول فرصة لأختلي بنفسي واقرأ بنهم كل الحكايات والقصص والنوادر التي وثقها لتبقى حية في الذاكرة وبوصلة تهتدي وتقتدي بها الأجيال الشابة التي ستصبح عماد المجتمع، والكوكبة التي ستستمر في الطريق لتحافظ وتحمي الأرض والعرض والدين والعادات والتقاليد الحميدة التي باتت الحضارة المادية تهددها محاولة طمسها .
لقد جاء كتاب الأخ مسعد ليضيف لبنة أخرى في توثيق تاريخ وتراث بلدنا بيت جن العريق ليلقي الضوء على جوانب أخرى لم يتح لي ان اتطرق اليها من خلال أبحاثي حول بيت جن ومحمية جبل الجرمق.
كان ولا زال وسيبقى لي الشرف بالأخ مسعد، عندما رافقني لمدة قصيرة في اجراء المقابلات مع مشايخ ومعمري القرية اثناء بحثي الأول في توثيق تاريخ بيت جن عبر كتاب -بيت جن عبر التاريخ- باشراف ومراجعة وتوجيهات ابي الروحي العلامة د. شكري عراف ، والذي صدر بطبعته الأولى عام 1993 ثم الثانية عام 2000.
يسعدني دوما لقاء.ه للتحدث عن أمور وهموم مشتركة تهم وجودنا في هذه القرية وهذا الوطن فالاستاذ مسعد من خيرة معلمي ومربي هذه القرية، وله دور هام في التربية والتعليم من خلال منصبه كنائب مدير في المدرسة الابتدائية والقائم بعبء ثقيل في مساعدة المدير الأخ غالب دبور نتمنى للاثنين دوام الصحة وطول العمر والعطاء.
فسبق واصدر عدة كتب منها : الماعوص -ومسرحية بصارة وبراجه - والفاعلة التاركة – وحارة العزامية – وتواصل الأجيال – وطريق الغدير
نحن الان بصدد الكتاب - الوادي -الذي صدر مؤخرا بحلة جميلة وطباعة انيقة، ليسرد ويوثق فيه المؤلف حكايات ونوادر وأسماء مواقع في هذه القرية غابت عن ذهن الكثيرين من الأجيال الحالية، ليتمم مسيرة التوثيق التي عملت عليها من خلال بحثي وتوثيقي لمعالم البلد ومحمية جبل الجرمق من خلال كتاب – بيت جن الاثرية – الذي صدر بجزئيه الأول والثاني والثالث والرابع على الطريق .
في كتاب الوادي يتطرق الى اجمل أيام الطفولة والحكايات التي تربّينا على سماعها من اجدادنا، كغولة عين النوم والشاطر حسن والزير وغيرها، أضاف اليها الولدنة أيام البيادر واللعب على البيدر، مذكرا بالالعاب التي كنا نلعب بها أيام الطفولة، واختراع العاب من مخلفات اثاث وسيارات واقمشة الخ، والاستمتاع بعملية درس الغلة والركوب على لوح الدراس او التعلق به ليجرنا خلفه على الطرحة، بعد عناء الزرع والحصيد وذلك لتامين لقمة العيش الحلال – راصدا بقلمه حب الناس للأرض والمحبة والمساعدة بين الجيران في المسكن في الحارة والأرض، والتعاضد والتكاتف بين الناس أيام الشدة والخطر، ولا ينسى التأكيد على المحافظة على القيم التوحيدية كحفظ مال اليتيم ومساعدته والعطف عليه ، كما وثقها في قصته مستندا لما ورد في القران الكريم - فأما اليتيم فلا تقهر-، ويؤكد على فعل الخير والحرص الا ينقطع بين الناس من خلال قصته -الخير بين الناس -ويستعيد ذكريات الشقاء والتعب لاهلنا واجدادنا في قطع الحجارة واستخراج الكلس لبناء بيوتهم، ساردا اسما مواقع الأرض ولمن تتبع من العائلات، وياتي على ذكر تاريخ ومصدر قدوم بعض العائلات، ويوثق ما سمعه من المشايخ الاجلاء عن عيون وينابيع هذه القرية -كنبعة الوز -ويوثق بعض القصص للمواقف المشرفة لاهلنا في استضافة المهجرين وحمايتهم اثناء رحيلهم زمن حرب 1948 في الطريق الى لبنان.
ولا ينسى ان يأتي على ذكر مشايخ اشتهروا بالتقى والكد على رزق الحلال من خلال العمل في الأرض.
وهنالك القصص الكثيرة والمعبرة والشيقة التي أوردها الكاتب -كخير الأمور النصت -وجناح الام بيلم –
اما الباب الثاني فقد وضعه تحت عنوان لوحات وحكايات – ليوثق مواقف رجال -كالشريف الشقي فؤاد علامه، وشهامته بعدم التعرض للنساء والفتيات اثناء محاربته لظلم العسكر الإنجليزي قبل قيام دولة إسرائيل .
كما ويسرد مواقف الكرم والتسامح والضيافة التي يشتهر بها اهل بيت جن اتجاه كل ضيف او زائر وخاصة الباعة المتجولين من غزة او الضفة الغربية او غيرها من اهل البلاد كما جاء في قصته - أبو سماحه - .
ونوادر عديدة عن اهل البلد كنادرة الرجل الملقب بالكردي الذي كان يملك جملا و يعمل بالرجيدة لحساب اهل البلد ومقالبه المشهورة بهم.
وقصص مشوقة اخرى : كعطال بطال -أبو الفوارس -لا للسيف ولا للضيف -الأمانة – وحكايات تتضمن عِبَر يُوثقها لعلها تلقى آذانا صاغية – كريجيم موزون -اذا اخوك طمع أعطيه ولا تخسره- مال الخسيس للابليس-الحية مرية -وغيرها من الحكايات والنوادر الحلوة والشيقة اترك للقارئ الفرصة للاطلاع عليها وسبر اغوارها وتلقّي العبرة منها
أخيرا اشد على يد اخي مسعد ابي هشام متمنيا له الصحة وطول العمر وان يبقى قلمه سيالا وذاكرته حادة ليتحفنا بالمزيد مما في جعبته
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى: [email protected]
موقع هنا الموقع الرائد بموضعيته ومصداقيته يدعوك للانضمام إليه عن طريق الواتس أب عبر الرابط المرفق : انضموا الينا
1 تعليقات
مسعد خلد بيت جن, 6 اشهر
شكرا جزيلا للاستاذ مالك صلالحة على مقاله الشامل المتعمق حول الكاتب والكتاب